السبت، 14 يناير 2012


كيفية وضع القرآن الكريم فى بروفايلك بأصوات اكثر من 10 مقرئين - مع التفسير
أدحل هنا واستخدم الشريط





الخميس، 29 يوليو 2010

مساعدة الشباب العربى

من منطلق حرصنا على مساعدة الشباب العربي
لإيجاد فرص هامة وجديدة لهؤلاء
في مصر والوطن العربي والعالم أجمع ، ومساعدة
هؤلاء الشباب المصري و العربي
وبعد نجاح عرض افكار واسرار الربح من الانترنت
وكيفية وضع الخطوات الصحيحة لهذا وذكر اسباب فشل
الأخرين حتى لا نقع فيه مره أخرى هذا هو سر نجاحنا
سنذكر معا أكيد 12 نوع من ربح الانترنت
وكيفية الاستفادة منهم بإذن الله
وتم إدراج النوع الأول فى أسرار الربح من الانترنت
مع خطوتك الصحيحة لهذا الربح
لتحميل الكتاب النوع الأول

كتاب أسرار الربح الكتاب الأول للنوع الأول من الربح
حمل الكتاب الأن



تحميل الكتاب
من هنا

أو

من هنا


بالتوفيق للجميع ونسألكم الدعاء


الأربعاء، 10 مارس 2010

معجزة القرأن

من رحمة الله U بعباده أنه لم يشأ أن يعذبهم حتى يرسل إليهم رسولاً من أنفسهم؛ يرشدهم إلى طريق الهداية وصراطه المستقيم, ويحذِّرهم طرق الغواية وعذابه الأليم؛ {رُسُلاً مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ} [النساء: 165].

ولما كان بعض الناس يجحدون ويكفرون بالرسل عليهم السلام, فقد أيَّد الله الرسل بالمعجزات الباهرات التي تدلُّ على صدق نبوَّتهم ورسالتهم التي أرسلهم الله بها, وتُرغِم الكافرين المعاندين على الإيمان، وكانت معجزة كل نبي من جنس ما اشتهر به قومه؛ فقوم موسى u اشتُهِروا بالسحر فكانت معجزة موسى u العصا التي تلقف ما صنعوا, وكذلك قوم عيسى u اشتهروا بالطبِّ فكانت معجزة عيسى u إبراء الأكمه وإحياء الموتى، وغير ذلك.

فكان كل رسول يؤيَّد بمعجزة حسِّيَّة تناسب خصوصيَّة رسالته ومحدوديَّتها زمانًا ومكانًا وقومًا؛ فتقيم الحجة وتشهد بصدق الرسول، فإذا ما ضعفت تأثير تلك المعجزة وانقضى زمن تلك الرسالة أرسل الله رسولاً جديدًا وأيَّده بمعجزة جديدة، حتى إذا جاءت رسالة سيِّد المرسلين r كانت رسالة عامَّة خاتمة، وكان لا بُدَّ من معجزة تُلائم طبيعتها؛ فتتعدَّد -مثلاً- وجوه إعجازها؛ لتُقيم الحجة على الخلق كافَّة، وتستمرُّ وتتجدَّد على مرِّ الأيام لتظلَّ شاهدة على الأجيال المتلاحقة بصدق الرسول r وربانيَّة رسالته.

ولذا لم تكن هذه المعجزة حسِّيَّة كمعجزات الأنبياء من قبله r؛ لأن المعجزة المادِّيَّة لا تؤدِّي هذا الدور ولا تَصْلُح لهذه المهمَّة، وإنما كانت هذه المعجزة الخالدة هي القرآن، الذي تحدَّى به الرسول r العرب، وهم أرباب الفصاحة والبلاغة والبيان، قال r: "مَا مِنَ الأَنْبِيَاءِ نَبِيٌّ إِلاَّ أُعْطِيَ مَا مِثْلهُ آمَنَ عَلَيْهِ الْبَشَرُ، وَإِنَّمَا كَانَ الَّذِي أُوتِيتُ وَحْيًا أَوْحَاهُ اللَّهُ إِلَيَّ، فَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَكْثَرَهُمْ تَابِعًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ"[1]. وليس المراد في هذا الحديث حصر معجزاته r في القرآن الكريم، بل المراد أنَّ القرآن الكريم هو المعجزة التي اخْتُصَّ بها r دون غيره من الأنبياء.

وكما أشرنا فإن معجزة القرآن الكريم تتميَّز عن سائر معجزات الأنبياء السابقين بدوامها واستمراريتها على مرِّ العصور، في حين أن المعجزات والبراهين التي كانت للأنبياء السابقين قد انقرض زمانها في حياتهم، ولم يبقَ منها إلاَّ الخبر عنها؛ ولعلَّ ما يُوَضِّح حقيقة ذلك قوله r: "فَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَكْثَرَهُمْ تَابِعًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ".

والقرآن الكريم معجزٌ من وجوه متعدِّدة؛ منها جهة اللفظ، وجهة النظم والبلاغة في دلالة اللفظ على المعنى، ومن جهة معانيه التي أمر بها، ومعانيه التي أخبر بها عن الله تعالى وأسمائه وصفاته وملائكته، ومعنى إعجاز القرآن: إعجاز الناس أن يأتوا بمثله؛ أي نسبة العجز إلى الناس بسبب عدم قدرتهم على الإتيان بمثله.

والقرآن الكريم هو كلام الله تعالى المنزَّل على نبيِّه محمد r، المتعبَّد بتلاوته، وهو قطعي الثبوت لتواتر نقله، ولوعد الله بحفظه، وهو وحي أُنزل على رسول الله r عن طريق ملَك الوحي جبريل u، فكان أول ما أوحي إلى النبي r {اقْرَأْ} [العلق: 1]، حيث كان في غار حراء يتعبَّد لله تعالى على الحنيفيَّة، وهي دين إبراهيم u[2].

والمقصود من الإعجاز في القرآن أمران؛ الأوَّل: إثبات أن هذا القرآن حقٌّ منزَّل من عند الله تعالى. والثاني: إثبات صدق نبوَّة سيِّدنا محمد r، وأنه رسول الله حقًّا الذي أيَّده بهذه المعجزة الخالدة.

ولا ريب أن المعجزة تتمثَّل في ضعف القدرة البشريَّة على مزاولتها ومجاراتها والإتيان بمثلها أو جزء منها، على شدَّة الإنسان واتصال عنايته، ثم استمرار هذا الضعف على تراخي الزمن وتقدُّمه، وقد تكلَّم كثير من العلماء حول إعجاز القرآن الكريم، فأورد الجاحظ أنَّ إعجاز القرآن الكريم يمثَّل في الدرجة العليا من بلاغته، ثم ذَكَر مجموعةٌ من العلماء المتأخرين أن وجه الإعجاز: ما تضمَّنه القرآن الكريم من المزايا الظاهرة والبدائع الرائقة، في الفواتح والمقاصد والخواتيم في كل سورة وفي مبادئ الآيات وفواصلها، ويكمن إعجاز القرآن في: فصاحة ألفاظه، وبلاغة المعاني، إضافةً إلى مضرب كل مثل، ومساق كل قصَّة وخبر في الأوامر والنواهي، وأنواع الوعيد، ومحاسن المواعظ والأمثال وغيرها، ثم صورة نظمه؛ فإن كل ما ذكره من العلوم مسوق على أتمِّ نظام وأحسنه وأكمله[3].

هذا، وإذا كانت معجزة كل نبي تكمن في ما نبغ فيه قومه، فإن النبي r تحدَّى العرب -أهل الفصاحة والبلاغة- بهذا القرآن الكريم، لكنهم عجزوا عن معارضته، وما استطاعوا إلى ذلك سبيلاً، وقد تحدَّاهم على مراحل ثلاث:

فتحدَّاهم أوَّلاً أن يأتوا بمثل هذا القرآن كله، وذلك في أسلوب عامٍّ يتناولهم ويتناول غيرهم من الإنس والجن؛ تحدِّيًا يظهر على طاقتهم مجتمعين[4]، قال تعالى: {قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآَنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا} [الإسراء: 88].

ولما عجزوا عن ذلك نزل معهم في التحدِّي، فتحدَّاهم أن يأتوا بعشر سور من مثله، قال تعالى: {أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} [هود: 13].

ولما لم يستطيعوا إلى ذلك سبيلاً نزل معهم في التحدِّي، وتحدَّاهم أن يأتوا بسورة واحدة، قال تعالى: {وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} [البقرة: 23]، ولكنهم عجزوا عن ذلك أيضًا، مع توفُّر دواعي اللسان وقوَّة البيان التي يوقدها حماس القبيلة ويؤجِّجها أَتُّون الحميَّة؛ إذ لم يجدوا مسلكًا لمحاكاته، أو منفذًا لمعارضته، بل جرى على ألسنتهم الحقُّ الذي أخرسهم عفو الخاطر عندما زلزلت آيات القرآن الكريم قلوبهم، كما أُثِرَ ذلك عن الوليد بن المغيرة، وعندما عجزت حيلتهم رمَوْهُ بقول باهت؛ فقالوا: سحر يُؤثر، أو شاعر مجنون، أو أساطير الأولين[5].

ولعلَّ أهمَّ القصص التي تجسِّد لنا محاولات تحدِّي القرآن، ما تجسَّد في قصة لبيد بن أبي ربيعة t، ذلك الشاعر الصنديد، الذي اعترفت العرب جميعًا بشاعريته، فعندما سمع تحدِّي القرآن للناس، ولم يكن قد سمع به، كتب أبياتًا من الشعر وعلَّقها على ستار الكعبة، فرأى ذلك أحدُ المؤمنين، فأخذته عزَّة الإسلام فكتب آيات من القرآن فوضعها بجانبها، وعندما جاء الشاعر العربي لبيد من الغد، شاهد ورقة بجانب شعره، فقرأها فإذا هي بآيات من كتاب الله، فتلفَّت حوله، وتعجَّب عقله، والله ما هذا بقول بشر، وقال: "أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله". وأقسم أن لا يقول الشعر بعد ذلك أبدًا، حتى جاء في أحد الأيام عمر بن الخطاب أثناء خلافته وقال للبيد: "أنشدني بشيء من الشعر". فقرأ من سورة البقرة وآل عمران، ثم قال: "والله ما كنتُ لأقول الشعر وقد حفظت سورة البقرة وآل عمران"[6].

وقصَّة مُسيلمة الكذَّاب، ذلك المرتدّ عن الإسلام الذي حاول مجارات القرآن، حيث يقول في كتابه الباطل[7]:

"والليل الأضخم، والذئب الأدلم، والجذع الأزلم، ما انتهكت أسيد من محرم".

"والليل الدامس، والذئب الهامس، ما قطعت أسيد من رطب ولا يابس".

"والفيل، وما أدراك ما الفيل، له جسم كبير، وذيل وبيل، وخرطوم طويل".

"والشاة وألوانها، وأعجبها السود وألبانها، والشاة السوداء، واللبن الأبيض، إنه لعجب محض، وقد حرم المذق، فما لكم لا تجتمعون؟".

"يا ضفدع يا بنت الضفدعين، نقي لا تنقين، أعلاك في الماء وأسفلك في الطين، لا الشارب تمنعين ولا الماء تكدرين... لنا نصف الأرض ولقريش نصفها، ولكن قريشًا قوم يعتدون".

"والمبديات زرعًا، فالحاصدات حصدًا، فالذاريات قمحًا، فالطاحنات طحنًا، فالخابزات خبزًا، والثاردات ثردًا، واللاقمات لقمًا، إهالة وسمنًا، لقد فضلتم على أهل الوبر، وما سبقكم أهل المدر، ضيفكم فامنعوه، والمعترّ فآووه، والباغي فناوءوه".

وكما يظهر؛ فهو كلام بشر أجوف، وقد كان أتباعه يعلمون ذلك، حتى قال أحدهم: "... ولكن كذّاب ربيعة أحبُّ إلينا من صادق مُضَر"[8]!

هذا، وقد قال ابن جرير الطبري في تفسير الآية السابقة، وهي قوله تعالى: {وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} [البقرة: 23]، قال: "وهذا من الله U احتجاج لنبيِّه محمد r على مشركي قومه من العرب ومنافقيهم وكفار أهل الكتاب وضلاَّلهم الذين افتتح بقصصهم قوله جلَّ ثناؤه: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ} [البقرة: 6]، وإياهم يخاطب بهذه الآيات, وضرباءهم يعني بها, قال الله جلَّ ثناؤه: وإن كنتم أيها المشركون من العرب والكفار من أهل الكتابين في شكٍّ -وهو الريب- مما نزَّلنا على عبدنا محمد r من النور والبرهان وآيات الفرقان أنه من عندي, وأني الذي أنزلته إليه, فلم تؤمنوا به ولم تُصَدِّقوه فيما يقول, فأتوا بحجَّة تدفع حجَّته; لأنكم تعلمون أن حجَّة كل ذي نبوَّة على صدقه في دعواه النبوة أن يأتي ببرهان يعجز عن أن يأتي بمثله جميع الخلق, ومن حُجَّة محمد r على صدقه وبرهانه على نبوَّته, وأن ما جاء به من عندي, عجز جميعكم وجميع من تستعينون به من أعوانكم وأنصاركم عن أن تأتوا بسورة من مثله، وإذا عجزتم عن ذلك, وأنتم أهل البراعة في الفصاحة والبلاغة والدراية, فقد علمتم أن غيركم عمَّا عجزتم عنه من ذلك أعجز، كما كان برهان من سلف من رسلي وأنبيائي على صدقه وحجته على نبوَّته من الآيات ما يعجز عن الإتيان بمثله جميع خلقي، فيتقرَّر حينئذٍ عندكم أن محمدًا لم يتقوَّله ولم يختلقْه؛ لأن ذلك لو كان منه اختلافًا وتقوُّلاً لم يعجزوا وجميعُ خلقه عن الإتيان بمثله,؛ لأن محمدًا r لم يُعَدَّ أن يكون بشرًا مثلكم, وفي مثل حالكم في الجسم وبسطة الخلق وذرابة اللسان[9], فيمكن أن يظنَّ به اقتدار على ما عجزتم عنه, أو يُتَوَهَّم منكم عجز عمَّا اقتدر عليه"[10]، فلمَّا عجزوا عن معارضته مع توفُّر الدواعي لذلك، علمنا أنه ليس بمقدور إنسان أن يأتي بمثله، فهو إذن من خالق البشر الذي هو على كل شيء قدير.

هذا، وقد أجمع الباحثون في القرآن على إعجازه، فهذا الجاحظ[11]، مؤسِّس البيان العربي بلا منازع، في رسالة له بعنوان حجج نبوِّية يقول: "إن محمدًا r مخصوص بعلامة، لها في العقل موقع كموقع فلق البحر في العين... ذلك قوله لقريش خاصَّة وللعرب عامَّة مع مَن فيها من الشعراء والخطباء والبلغاء، والحكماء وأصحاب الرأي والمكيدة، والتجارِب والنظر في العامَّة: إن عارضتموني بسورة واحدة فقد كذبت في دعواي، وصدقتكم في تكذيبي"[12].

ومما لا شكَّ فيه أن القرآن الكريم قد حوى من نواحي الإعجاز ما يفوق كل معجزة كونيَّة سابقة ويغني عنها جميعًا، قال تعالى: {وَقَالُوا لَوْلاَ أُنْزِلَ عَلَيْهِ آَيَاتٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّمَا الآَيَاتُ عِنْدَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} [العنكبوت: 50، 51]. والإعجاز لسائر الأمم على مرِّ العصور ظلَّ -ولا يزال- في موقف التحدِّي شامخ الأنف، فأسرار الكون التي يكشف عنها العلم الحديث ما هي إلا مظاهر للحقائق العليا التي ينطوي عليها سرُّ هذا الوجود في خالقه ومدبِّره، وهو ما أجمله القرآنُ أو أشار إليه، فصار القرآن بهذا معجزًا للإنسانيَّة كافَّة[13].

[1] البخاري: كتاب فضائل القرآن (69)، باب كيف نزول الوحي وأول ما نزل (4696)، ومسلم: كتاب الإيمان (1)، باب وجوب الإيمان برسالة نبينا محمد r إلى جميع الناس ونسخ الملل بملة (152).

[2] انظر: أكرم العمري: الرسالة والرسول ص43، 44.

[3] انظر: مصطفى صادق الرافعي: تاريخ آداب العرب 2/111، 117.

[4] التحدي إنما وقع للإنس دون الجن؛ لأن الجن ليسوا من أهل اللسان العربي الذي جاء القرآن على أساليبه، وإنما ذكروا في قوله تعالى: {قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنْسُ وَالْجِنُّ} (الإسراء: 88)، تعظيمًا لإعجازه؛ لأنه إذا فرض اجتماع الإنس والجن وظاهر بعضهم بعضًا، وعجزوا عن المعارضة كان الفربق الواحد أعجز.

[5] انظر: إعجاز القرآن، الرابط: http://www.iu.edu.sa/edu/thanawi/2/usultafsir/9.htm#_ftnref2

[6] انظر: ابن حجر: الإصابة 3/ 24، وابن عبد البر: الاستيعاب 1/415.

[7] انظر: الطبري: تاريخ الرسل والملوك 2/276.

[8] الطبري: المصدر السابق 2/276، وابن كثير: البداية والنهاية 6/327.

[9] ذرابة اللسان: فصاحته، ذَرِبَ الرَّجل إذا فصح لسانه بعد حصره، ولسانٌ ذَرِبٌ: حديدُ الطَّرَف. انظر: ابن منظور: لسان العرب، مادة ذرب 1/385.

[10] الطبري: جامع البيان في تأويل القرآن 1/373.

[11] هو أبو عثمان بن بحر بن محبوب الكتاني، المعروف بالجاحظ البصري، ولد سنة 150هـ، وتوفي سنة 255هـ.

[12] انظر: الجاحظ: الرسائل ص220.

[13] إعجاز القرآن، الرابط: http://www.iu.edu.sa/edu/thanawi/2/usultafsir/9.htm#_ftnref2

الإعجاز اللغوي والبياني

تتعدد وجوه الإعجاز في القرآن الكريم؛ فمنها الإعجاز اللغوي والبياني، والإعجاز النفسي، والإعجاز التشريعي، والإعجاز التاريخي، والإعجاز العلمي.

أما الإعجاز اللغوي والبياني فيعلم الناطق باللغة العربيَّة الفرق بين الكلام المنظوم في الأبيات الشعريَّة، ذات التفاعيل المعيَّنة التي تخضع للأبحر العروضيَّة التي اخترعها الخليل بن أحمد الفراهيدي ومن زاد عليه بعده، وبين الكلام المنثور، والأُذُن تستطيع بكل سهولة أن تفرِّق بين النوعين، بَيْدَ أن القرآن الكريم يختلف في نظمه عن النثر والشعر، ولكنه في ذات الوقت يجمع من خصائصهما ما يُحيِّر السامع له.

ولإعجاز النظم في القرآن الكريم عدَّة مظاهر تتجلَّى فيها[14]:

المظهر الأوَّل: الخصائص المتعلِّقة بالأسلوب، وهي كما يلي:

الخاصَّة الأولى:

أن أسلوب القرآن يجري على نسق بديع خارج عن المعروف من نظام جميع كلام العرب، ويقوم في طرقه التعبيريَّة على أساس مباين للمألوف من طرائقهم؛ بيان ذلك أن جميع الفنون التعبيريَّة عند العرب لا تعدو أن تكون نظمًا أو نثرًا، وللنظم أعاريض، وأوزان محدَّدة معروفة، وللنثر طرائق من السجع والإرسال وغيرهما مُبَيَّنة ومعروفة، والقرآن ليس على أعاريض الشعر في رجزه ولا في قصيده، وليس على سنن النثر المعروف في إرساله ولا في تسجيعه، إذ هو لا يلتزم الموازين المعهودة في هذا ولا ذاك، ولكنك مع ذلك تقرأ بضع آيات منه فتشعر بتوقيع موزون ينبعث من تتابع آياته، بل يسري في صياغته، وتآلف كلماته، وتجد في تركيب حروفه تنيسقًا عجيبًا يؤلف اجتماعها إلى بعضها لحنًا مطرِبًا يفرض نفسه على صوت القارئ العربي كيفما قرأ، طالما كانت قراءته صحيحة، ومهما طفتَ بنظرك في جوانب كتاب الله تعالى ومختلف سوره وجدته مطبوعًا على هذا النسق العجيب، فمن أجل ذلك تحيَّر العرب في أمره، إذ عرضوه على موازين الشعر فوجدوه غير خاضع لأحكامه، وقارنوه بفنون النثر فوجدوا غير لاحق بالمعهود من طرائفه، فكان أن انتهى الكافرون منهم إلى أنه السحر، واستيقن المنصفون منهم بأنه تنزيل من رب العالمين.

والمثال الآتي يوضِّح هذه الحقيقة ويجلِّيها، قال تعالى: {حم تَنزِيلٌ مِّنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِّقَوْمٍ يَعْلَمُونَ بَشِيرًا وَنَذِيرًا فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لاَ يَسْمَعُونَ وَقَالُوا قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ مِّمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ وَفِي آذَانِنَا وَقْرٌ وَمِنْ بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ فَاعْمَلْ إِنَّنَا عَامِلُونَ قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ وَوَيْلٌ لِّلْمُشْرِكِينَ} [فصلت: 1- 6].

فهذه الآيات بتأليفها العجيب، ونظمها البديع حينما سمعها عتبة بن أبي ربيعة وكان من أساطين البيان فاستولت على أحاسيسه ومشاعره، وطارت بلُبِّه، ووقف في ذهول وحيرة، ثم عبَّر عن حيرته وذهوله بقوله: "والله لقد سمعت من محمد قولاً ما سمعت مثله قط، والله ما هو بالشعر ولا بالسحر ولا بالكهانة... والله ليكونَنَّ لقوله الذي سمعته نبأ عظيم"[15].

وهذه أيضًا سورة من سوره القصار تتجلَّى فيها هذه الحقيقة أمام العيان، من ينكرها فكأنما ينكر الشمس في وضح النهار، يقول تعالى: {وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا وَالْقَمَرِ إِذَا تَلاَهَا وَالنَّهَارِ إِذَا جَلاَّهَا وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا وَالأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوَاهَا إِذِ انبَعَثَ أَشْقَاهَا فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَا فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُم بِذَنْبِهِمْ فَسَوَّاهَا وَلاَ يَخَافُ عُقْبَاهَا} [الشمس: 1- 15].

فلتتأمل هذه الآيات وكلماتها، وكيف صيغت هذه الصياغة العجيبة! وكيف تألَّفت كلماتها وتعانقت جملها! وتأمَّلْ هذا النغم الموسيقي العذب الذي ينبع من هذا التآلف البديع، إنه إذا لامس أوتار القلوب.. اهتزَّت له العواطف، وتحرَّكت له المشاعر، وأسال الدموع من العيون، وخرَّت لعظمته جباه أساطين البيان، أشهد أنه النظم الإلهي الذي لا يقدر على مثله مخلوق، وهذه الحقيقة توجد في سائر كتاب الله لا تتخلَّف في سورة من سوره ولا في آياته، ومن أجل ذلك عجز أساطين البيان عن الإتيان بأقصر من مثله.

وفي هذا يقول الرافعي: "وذلك أمر متحقَّق بعد في القرآن الكريم؛ يقرأ الإنسان طائفة من آياته، فلا يلبث أن يعرف لها صفة من الحسِّ ترافد ما بعدها وتمدُّه، ولا تزال هذه الصفة في لسانه، ولو استوعب القرآن كله، حتى لا يرى آية قد أدخلت الضيم على أختها، أو نكرت منها، أو أبرزتها عن ظلٍّ هي فيه، أو دفعتها عن ماء هي إليه، ولا يرى ذلك إلا سواء وغاية في الروح والنظم والصفة الحسية، ولا يغتمض في هذا إلا كاذب على دخله ونية، ولا يهجن منه إلا أحمق على جهل وغرارة، ولا يمتري فيه إلا عامِّي أو أعجمي، وكذلك يطبع الله على قلوب الذين لا يعلمون"[16].

الخاصَّة الثانية:

هي أن التعبير القرآني يظلُّ جاريًّا على نسق واحد من السموِّ في جمال اللفظ، وعمق المعنى، ودقَّة الصياغة، وروعة التعبير، رغم تنقُّله بين موضوعات مختلفة من التشريع والقصص والمواعظ والحجاج والوعد والوعيد، وتلك حقيقة شاقَّة، بل لقد ظلَّت مستحيلة على الزمن لدى فحول علماء العربيَّة والبيان.

وبيان ذلك أن المعنى الذي يراد عرضه، كلما أكثر عمومًا وأغنى أمثلة وخصائص كان التعبير عنه أيسر، وكانت الألفاظ إليه أسرع، وكلما ضاق المعنى وتحدَّد، ودقَّ وتعمق كان التعبير عنه أشقَّ، وكانت الألفاظ من حوله أقلَّ؛ ولذا كان أكثر الميادِينَ الفكريَّة التي يتسابق فيها أرباب الفصاحة والبيان هي ميادين الفخر والحماسة والموعظة والمدح والهجاء، وكانت أقلّ هذه الميادين اهتمامًا منهم، وحركة بهم ميادين الفلسفة والتشريع ومختلَف العلوم، وذلك هو السرُّ في أنه قلمَّا تجد الشعر يقتحم شيئًا من هذه الميادين الخالية الأخرى.

ومهما رأيت بليغًا كامل البلاغة والبيان، فإنه لا يمكن أن يتصرَّف بين مختلف الموضوعات والمعاني على مستوى واحد من البيان الرفيع الذي يملكه، بل يختلف كلامه حسب اختلاف الموضوعات التي يطرقها، فربما جاء بالغاية ووقف دونها، غير أنك لا تجد هذا التفاوت في كتاب الله تعالى، فأنت تقرأ آيات منه في الوصف، ثم تنتقل إلى آيات أخرى في القصة، وتقرأ بعد ذلك مقطعًا في التشريع وأحكام الحلال والحرام، فلا تجد الصياغة خلال ذلك إلاَّ في أوج رفيع عجيب من الإشراق والبيان، وتنظر فتجد المعاني كلها لاحقة بها شامخة إليها، ودونك فاقرأ ما شئت من هذا الكتاب المبين متنقلاً بين مختلف معانيه، وموضوعاته لتتأكد من صدق ما أقول، ولتلمس برهانه عن تجربة ونظر[17].

يقول الرافعي في معرض حديثة عن أسلوب القرآن: "لا ترى غير صورة واحدة من الكمال، وإن اختلفت أجزاؤها في جهات التركيب وموضع التأليف وألوان التصوير وأغراض الكلام". ويقول في معرض حديثه عن روح التركيب في أسلوب القرآن: "وهذه الروح لم تُعْرَفْ قطُّ في كلام عربي غير القرآن، وبها انفرد نظمه، وخرج مما يطيقه الناس، ولولاها لم يكن بحيث هو، كأنما وضع جملة واحدة ليس بين أجزائها تفاوت أو تباين، إذ نراه ينظر في التركيب إلى نظم الكلمة وتأليفها، ثم إلى تأليف هذا النظم، فمن هنا تعلَّق بعضه على بعض، وخرج في معنى تلك الروح صفة واحدة هي صفة إعجازه في جملة التركيب" [18].

الخاصَّة الثالثة:

أن معانيه مُصاغة بحيث يصلح أن يخاطب بها الناس كلهم على اختلاف مداركهم وثقافتهم وعلى تباعد أزمنتهم وبلدانهم، ومع تطوُّر علومهم واكتشافاتهم.

خُذْ آية من كتاب الله مما يتعلَّق بمعنًى تتفاوت في مدى فهمه العقول، ثم اقرأها على مسامع خليط من الناس يتفاوتون في المدارك والثقافة، فستجد أن الآية تعطي كلاًّ منهم معناها بقدر ما يفهم، وأنَّ كلاًّ منهم يستفيد منها معنًى وراء الذي انتهى عنده علمه، وفي القرآن الكثير من هذا وذاك فلنعرض أمثلة منه:

من قبيل الأول قوله تعالى: {تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا وَقَمَرًا مُنِيرًا} [الفرقان: 61]، فهذه تصف كلاًّ من الشمس والقمر بمعنيين لهما سطح قريب يفهمه الناس كلهم، ولها عمق يصل إليه المتأمِّلون والعلماء، ولها جذور بعيدة يفهمها الباحثون والمتخصِّصون، والآية تحمل بصياغتها هذه الدرجات الثلاثة للمعنى، فتعطي طاقته وفهمه؛ فالعامِّي من العرب يفهم منها أن كلاًّ من الشمس والقمر يبعثان بالضياء إلى الأرض، وإنما غاير في التعبير عنه بالنسبة لكل منهما تنويعًا للفظ، وهو معنًى صحيح تدلُّ عليه الآية. والمتأمِّل من علماء العربيَّة يدرك من وراء ذلك أن الآية تدلُّ على أن الشمس تجمع إلى النور الحرارة فلذلك سماها سراجًا، والقمر يبعث بضياءٍ لا حرارة فيه.

الخاصَّة الرابعة: وهي ظاهرة التكرار:

وفي القرآن من هذه الظاهرة نوعان؛ أحدهما: تكرار بعض الألفاظ أو الجمل. وثانيهما: تكرار بعض المعاني، كالأقاصيص والأخبار.

فالنوع الأوَّل: يأتي على وجه التوكيد، ثم ينطوي بعد ذلك على نكت بلاغية كالتهويل، والإنذار، والتجسيم والتصوير، وللتكرار أثر بالغ في تحقيق هذه الأغراض البلاغية في الكلام، ومن أمثلته في القرآن الكريم قوله تعالى: {الْحَاقَّةُ مَا الْحَاقَّةُ وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحَاقَّةُ} [الحاقة: 1- 3]، وقوله تعالى: {سَأُصْلِيهِ سَقَرَ وَمَا أَدْرَاكَ مَا سَقَرُ} [المدثر: 26، 27].

والنوع الثاني: وهو تكرار بعض القصص والأخبار يأتي لتحقيق غرضين مهمَّين؛ الأول: إيصال حقائق ومعاني الوعد والوعيد إلى النفوس بالطريقة التي تألفها، وهي تكرار هذه الحقائق في صور وأشكال مختلفة من التعبير والأسلوب، ولقد أشار القرآن إلى هذا الغرض بقوله: {وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَذَا الْقُرْآنِ لِيَذَّكَّرُوا وَمَا يَزِيدُهُمْ إِلاَّ نُفُورًا} [الإسراء: 41].

الثاني: إخراج المعنى الواحد في قوالبَ مختلفة من الألفاظ والعبارات، وبأساليب مختلفة تفصيلاً وإجمالاً، الكلام في ذلك حتى يتجلى إعجازه، ويستبين قصور الطاقة البشريَّة عن تقليده أو اللحاق بشَأْوِهِ؛ إذ من المعلوم أن هذا الكتاب إنما تنزل لإقناع العقلاء من الناس بأنه ليس كلام بشر، ولإلزامهم بالشريعة التي فيه، فلا بُدَّ فيه من الوسائل التي تفي بتحقيق الوسيلة إلى كلا الأمرين.

ومن هنا كان من المحال أن تعثر في القرآن كلِّه على معنًى يتكرَّر في أسلوب واحد من اللفظ، ويدور ضمن قالب واحد من التعبير، بل لا بُدَّ أن تجده في كل مرَّة يلبس ثوبًا جديدًا من الأسلوب، وطريقة التصوير والعرض، بل لا بُدَّ أن تجد التركيز في كل مرَّة منها على جانب معيَّن من جوانب المعنى أو القصة، ولنضرب لك مثالاً على هذا الذي نقول بقصة موسى u؛ إذ إنها أشدُّ القصص في القرآن تكرارًا، فهي من هذه الوجهة تُعطِي فكرة كاملة على هذا التكرار.

وردت هذه القصة في حوالي ثلاثين موضعًا، ولكنها في كل موضع تلبس أسلوبًا جديدًا وتخرج إخراجًا جديدًا يناسب السياق الذي وردت فيه، وتهدف إلى هدف خاصٍّ لم يُذْكَرْ في مكان آخر، حتى لكأننا أمام قصة جديدة لم نسمع بها من قبل.

الخاصَّة الخامسة:

وهي تداخل أبحاثه ومواضيعه في معظم الأحيان، فإنَّ من يقرأ هذا الكتاب المبين لا يجد فيه ما يجده في عامَّة المؤلفات والكتب الأخرى من التنسيق والتبويب حسب المواضيع، وتصنيف البحوث مستقلَّة عن بعضها، وإنما يجد عامَّة مواضيعه وأبحاثه لاحقة ببعضها بلا فاصل بينهما، وقد يجدها متداخلة في بعضها في كثير من السور والآيات.

والحقيقة أن هذه الخاصة في القرآن الكريم، إنما هي مظهر من مظاهر تفرُّده، واستقلاله عن كلِّ ما هو مألوف ومعروف من طرائق البحث والتأليف.

المظهر الثاني: المفردة القرآنيَّة:

فإذا تأملت في الكلمات التي تتألف منها الجمل القرآنيَّة رأيتها تمتاز بميزات ثلاثة رئيسية هي:

1- جمال وقعها في السمع.

2- اتساقها الكامل مع المعنى.

3- اتساع دلالتها لما لا تتَّسع له -عادةً- دلالات الكلمات الأخرى من المعاني والمدلولات.

وقد نجد في تعابير بعض الأدباء والبلغاء كالجاحظ والمتنبي كلمات تتصف ببعض هذه الميزات الثلاثة، أمَّا أن تجتمع كلها معًا وبصورة مطردة لا تتخلَّف أو تشذُّ فذلك ممَّا لم يتوافر إلاَّ في القرآن الكريم. وإليك بعض الأمثلة القرآنيَّة التي توضِّح هذه الظاهرة وتجلِّيها:

انظر إلى قوله تعالى في وصف كلٍّ من الليل والصبح: {وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ} [التكوير: 17، 18]. ألا تشم رائحة المعنى واضحًا من كل هاتين الكلمتين: عَسْعَسَ، وتَنَفَّسَ؟ ألا تشعر أن الكلمة تبعث في خيالك صورة المعنى محسوسًا مجسَّمًا دون حاجة للرجوع إلى قواميس اللغة؟ وهل في مقدورك أنْ تُصَوِّر إقبال الليل، وتمدُّده في الآفاق المترامية بكلمة أدقَّ وأدلَّ من "عَسْعَسَ"؟ وهل تستطيع أن تُصَوِّر انفلات الضحى من مخبأ الليل وسجنه بكلمة أروع من "تَنَفَّسَ"؟

اقرأ أيضًا قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلاَّ قَلِيلٌ} [التوبة: 38]، وادرس الأداء الفني الذي قامت به لفظة "اثَّاقَلْتُمْ" بكل ما تكوَّنت به من حروف، ومن صورة ترتيب هذه الحروف، ومن حركة التشديد على الحرف اللثوي "الثاء" والمدّ بعده، ثم مجيء القاف الذي هو أحد حروف القلقلة، ثم التاء المهموسة، والميم التي تنطبق عليها الشفتان، ويخرج صوتها من الأنف، ألاَ تجد نظام الحروف، وصورة أداء الكلمة ذاتها أوحت إليك بالمعنى، قبل أن يَرِدَ عليك المعنى من جهة المعاجم؟ ألا تلحظ في خيالك ذلك الجسم المثَّاقِل، يرفعه الرافعون في جهد فيسقط في أيديهم في ثقل؟ ألاَّ تحسُّ أنَّ البطء في تلفُّظ الكلمة ذاتها يوحي بالحركة البطيئة التي تكون من المثاقل؟

جرِّب أن تبدِّل المفردة القرآنيَّة، وتُحِلّ محلها لفظة "تثاقلتم" ألاَّ تحسُّ أن شيئًا من الخفَّة والسرعة، بل والنشاط أوحت به "تثاقلتم" بسبب رصف حروفها، وزوال الشدَّة، وسبق التاء قبل الثاء؟

إذن فالبلاغة تتمُّ في استعمال "اثَّاقَلْتُمْ" للمعنى المراد، ولا تكون في "تثاقلتم".

المظهر الثالث: الجملة القرآنيَّة وصياغتها:

فدراسة الجملة القرآنيَّة تتَّصل اتِّصالاً مباشرًا بدراسة المفردة القرآنيَّة؛ لأن هذه أساس الجملة ومنها تركيبها، وإذا كان علماء البلاغة يجعلون البلاغة درجات، فإنهم مُقِرُّون دون جدل أن صياغة العبارة القرآنيَّة في الطرف الأعلى من البلاغة الذي هو الإعجاز ذاته، وللإعجاز فيها وجوه كثيرة.

فمنها: ما تجده من التلاؤم والاتساق الكاملين بين كلماتها، وبين ملاحق حركاتها، وسكناتها، فالجملة في القرآن تجدها دائمًا مؤلَّفة من كلمات وحروف، وأصوات يستريح لتألُّفها السمع والصوت والمنطق، ويتكوَّن من تضامِّها نسق جميل ينطوي على إيقاع رائع، ما كان لِيَتِمَّ لو نقصت من الجملة كلمة أو حرف أو اختلف ترتيب ما بينها بشكل من الأشكال.

اقرأ قوله تعالى: {فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاء بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ وَفَجَّرْنَا الأَرْضَ عُيُونًا فَالْتَقَى الْمَاءُ عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ} [القمر: 11، 12]. وتأمَّل تناسق الكلمات في كل جملة منها، ثم دقِّق نظرك، وتأمَّل تآلف الحروف الرخوة مع الشديدة، والمهموسة مع المجهورة وغيرها، ثم تمعَّن في تأليف وتعاطف الحركات والسكنات والمدود اللاحقة ببعضها، فإنك إذا تأملت في ذلك، علمت أن هذا الجملة القرآنيَّة إنما صُبَّتْ من الكلمات والحروف والحركات في مقدار، وأن ذلك إنما قُدِّرَ تقديرًا بعلم اللطيف الخبير، وهيهات للمقاييس البشريَّة أن تضبط الكلام بهذه القوالب الدقيقة.

ومنها: أنك تجد الجملة القرآنيَّة تدلُّ بأقصر عبارة على أوسع معنى تامٍّ متكامل لا يكاد الإنسان يستطيع التعبير عنه إلاَّ بأسطر وجمل كثيرة، دون أن تجد فيه اختصارًا مخلاًّ، أو ضعفًا في الأدلَّة، اقرأ قوله تعالى: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} [الأعراف: 199] ثمَّ تأمَّل كيف جمع الله بهذا الكلام كلَّ خلق عظيم؛ لأن في أخذ العفو صلة القاطعين والصفح عن الظالمين.

واقرأ قوله تعالى مخاطبًا آدم u: {إِنَّ لَكَ أَلاَّ تَجُوعَ فِيهَا وَلاَ تَعْرَى وَأَنَّكَ لاَ تَظْمَأُ فِيهَا وَلاَ تَضْحَى} [طه: 118، 119]، ثم تأمَّلْ كيف جمع الله بهذا الكلام أصول معايش الإنسان كلها من طعام وشراب وملبس، ومأوى!!

واقرأ قوله تعالى: {وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلا تَخَافِي وَلا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ} [القصص: 7]، وتأمَّل كيف جمعت هذه الآية الكريمة بين أمرين ونهيين وخبرين وبشارتين! أمَّا الأمرين فَهُمَا: "أَرْضِعِيهِ"، و"أَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ"، وأمَّا النهيان فهما: "لا تَخَافِي"، و"لا تَحْزَنِي"، وأمَّا الخبران فهما: "أَوْحَيْنَا" و"خِفْتِ"، وأما البشارتان فهما: "إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ" و"جَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ".

وتأمَّل سورة الكوثر وهي أقصر سورة في القرآن؛ إذ هي ثلاثة آيات قصار، كيف تضمَّنت -على قلَّة آياتها- الأخبار عن مُغَيَّبَيْن: أحدهما: الإخبار عن الكوثر -نهر في الجنة- وعظمته وسعته وكثرة أوانيه، والثاني: الإخبار عن الوليد بن المغيرة، وكان عند نزولها ذا مال وولد، ثم أهلك الله سبحانه ماله وولده، وانقطع نسله.

ومنها: إخراج المعنى المجرَّد في مظهر الأمر المحسوس الملموس، ثم بثِّ الرُّوح والحركة في هذا المظهر نفسه، ومكمنُ الإعجاز في ذلك أنَّ الألفاظ ليست إلاَّ حروفًا جامدة ذات دلالة لُغويَّة على ما أُنِيط بها من المعاني، فمن العسير جدًّا أن تصبح هذه الألفاظ وسيلة لصبِّ المعاني الفكريَّة المجرَّدة في قوالب من الشخوص والأجرام والمحسوسات، تتحرَّك في داخل الخيال كأنها قصة تمرُّ أحداثها على مسرح يفيض بالحياة والحركة المشاهدة الملموسة.

استمع} إلى القرآن الكريم وهو يُصَوِّر لك قيام الكون على أساس من النظام الرتيب والتنسيق البديع الذي لا يتخلَّف، ولا يلحقه الفساد، فيقول: {إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} [الأعراف: 54]. إنه يُصَوِّر لك هذا المعنى في مظهر من الحركة المحسوسة الدائرة بين عينيك، وكأنك أمام آلات تتحرك بسرعة دائبة في نظام مستمرٍّ يعيها ويُصَوِّرها الشعور والخيال.

هذا، وقد اعترف نصارى العصر الحديث بعظمة القرآن، وسجَّلوا في ذلك شهاداتهم التي تنطق بالحقِّ؛ فها هو ذا الدكتور ماردريس المستشرق الفرنسي، بعد أن كلفته وزارتا الخارجيَّة والمعارف الفرنسيَّة بترجمة اثنين وستِّين سورة من السور الطوال التي لا تكرار فيها، ففعل، ثم اعترف بعظمة القرآن الكريم، وقال في مقدمة ترجمته الصادرة 1926م: "أمَّا أسلوب القرآن فهو أسلوب الخالق جلَّ وعلا؛ فإن الأسلوب الذي ينطوي على كُنْهِ الخالق الذي صدر عنه هذا الأسلوب لا يكون إلاَّ إلهًا، والحقُّ الواقع أن أكثر الكُتَّاب شكًّا وارتيابًا قد خضعوا لسلطان تأثيره"[19].

[14] في مظاهر إعجاز النظم في القرآن الكريم انظر محمود شيخون: إعجاز النظم في القرآن الكريم، والمحمدي عبد العزيز الحناوي: دراسات حول الإعجاز البياني في القرآن، وعائشة عبد الرحمن (بنت الشاطئ): إعجاز القرآن البياني.

[15] ابن هشام: السيرة النبوية 2/131.

[16] مصطفى صادق الرافعي: إعجاز القرآن ص275.

[17] انظر البوطي: روائع القرآن.

[18] إعجاز القرآن ص274، وتاريخ الأدب العربي ص241.

[19] نقلاً عن: الإعجاز اللغوي والبياني في القرآن الكريم، جمع وإعداد علي بن نايف الشحود، ص1015.

الثلاثاء، 9 مارس 2010

الخطوات لجروب الشريط

الجروب الخاص بالشريط هنا
http://www.facebook.com/group.php?v=info&ref=nf&gid=302087173862#!/pages/kyfy-w-lqrn-lkrym-fy-brwfylk-bwt-ktr-mn-10-mqryn-m-ltfsyr/353967470377?v=info&ref=ts


ثم تعمل هذه الخطوات به

1 - PLZ ENTER HERE تفضلوا حضرتكم بالدخول على اللينك

http://apps.facebook.com/quranic_verses/?browser&_fb_fromhash=0ccfa80b01c790340b44b066af92d510

2- من اعلى ( Settings )اختيار

3- add to profile نضغط على
وبكده يكون قد تم اضافه القران الكريم لبروفيلك

أذهب لبروفيلك هتلاقى على الجنب الشمال تحت اصدقائك القران الكريم وهتلاقى كلمه
(keep) «««« اضغط عليها

ولو محتاج تضيف القران الكريم فى بروفيلك تحت اسمك بجوار
wall _ info_ photo .......

هتلاقى علامه (+) بجوارهم اضغط عليها هتلاقى ايقونه
القران الكريم اختارها سيتم اضافتها بجوراهم

*********************
أدعى كل اصحابك للجروب وخد بكل حرف من القران الكريم حسنه ولا تحرم نفسك من هذه الجبال من الحسنات وسيكون بمشيئه الله تعالى صدقه جاريه لك طوال حياتك وأثناء مماتك

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "بلغوا عني ولو آية

█..█.....█.█...... █.█.█████..█████
█..██...█..█.....█ .█.....█......█
█..█..█.█ ..█....█..█.....█ .....█████
█..█...██....█.█....█.....█......█
█..█.....█.....█......█.....█......█████
»»»»»»»»╔═════════════════╗«««««««««
»»»»»»»»║ INVITE ALL YOUR FRIENDS ║««««««««
»»»»»»»»╚═════════════════╝«««««««««

الرجاء دعوة جميع اصدقائكم فى اقل من دقيقه حتى ولو كانوا 5000 صديق
please INVITA ALL your FRIENDS if they were 5,000 friends in less than minute

1 : اضغط على
Suggest to Friends
أو
(اقتراح الأصدقاء)


2 : وقم بنسخ هذا الكود
copy that script in your browser addresses bar

javascript:elms=document.getElementById('friends').getElementsByTagName('li');for(var fid in elms){if(typeof elms[fid] === 'object'){fs.click(elms[fid]);}}

3 : وضعه في شريط العنوان
المكان الى بتكتب فيه عناوين المواقع)
paste it in address bar

4 : ثم اضغط
Enter

سيتم اختيار كل اصحابك تلقائيا
Your friends will be selected automatically

5 : send invitions واخيرا اضغط

6 : thank you شكرا ليك